وجّه نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الدكتور محمد الهندي في مقال منشور له، انتقادًا حادًا للأنظمة العربية التي ما تزال، رغم العقود من النكبات والهزائم، خاضعة للهيمنة الغربية، وخصوصًا الأمريكية، مؤكداً أن الصراع في فلسطين يتجاوز كونه سياسيًا أو إقليميًا، بل هو صراع حضاري شامل بين الأمة الإسلامية والمشروع الاستعماري الغربي.

قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الدكتور محمد الهندي، إن فهم التحولات الجذرية في المنطقة والعالم بات ضرورة ملحة لكل من ينشد حرية فلسطين ونهضة الأمة.

 وأشار في مقاله الذي حمل عنوان "غزة ميزان العروبة والإسلام والإنسانية" إلى أن استمرار تبعية الأنظمة العربية للغرب، رغم كل الكوارث والتجارب المؤلمة، أصبح أمرًا غير مفهوم ولا مبررًا.

وأكد الهندي أن الصراع في فلسطين ليس مجرد صراع على الأرض أو السيادة، بل هو نموذج حي لصراع حضاري بين الشرق الإسلامي والغرب الاستعماري، حيث تمثل "إسرائيل" رأس الحربة في مشروع الهيمنة الغربية على المنطقة، بينما تمثل فلسطين عمق الأمة من حيث الإيمان والحضارة والتاريخ.

وأضاف أن هذا الصراع يتعدى كونه إقليميًا أو سياسيًا، ليأخذ أبعادًا ثقافية، إيمانية، وتاريخية، تؤثر بشكل مباشر في الدول الإسلامية وشعوبها، بل وتمتد آثاره إلى خارج المنطقة.

وتابع بالقول: "إن علاقة "إسرائيل" بأنظمة استبدادية في المنطقة، وباللوبيات الغربية، تهدف إلى قمع أي صحوة أو نهضة في العالم العربي والإسلامي.
ورأى أن المعركة في فلسطين ليست منعزلة، بل هي مرتبطة بشكل جدلي بأي تحرر حقيقي في أي بلد عربي أو إسلامي.

واستنكر الهندي استمرار بعض الأنظمة العربية في الارتهان للولايات المتحدة، رغم مرور أكثر من نصف قرن على مقولة "99% من أوراق اللعبة بيد أمريكا"، مشيرًا إلى أن هذه العقلية ما تزال تحكم الكثير من السياسات، في تجاهل تام للتغييرات الكبيرة التي طرأت على النظام العالمي.

فلسطين: مركز الصراع الحضاري

اعتبر الهندي أن فلسطين تمثل نقطة التقاطع المركزية بين الأمة الإسلامية والمشروع الغربي، منذ لحظة تأسيس "إسرائيل" في عام 1948، والتي جاءت بعد سقوط الخلافة العثمانية وانهيار النظام السياسي الإسلامي، لتمثل بداية مشروع استعماري يهدف لفصل الأمة عن هويتها.

وأوضح أن ما يسمى بالاستقلال في بعض الدول العربية، جاء ضمن خرائط وحدود رسمها الاستعمار، ونخبٍ سياسية وثقافية انفصلت عن شعوبها وتاريخها، لتكون هذه الدول لاحقًا عاجزة عن مواجهة المشروع الصهيوني.

انهيار عربي أمام أول اختبار

استرجع الهندي تفاصيل نكبة عام 1948، وكيف دخلت الدول العربية الحرب من دون تخطيط مشترك ولا أهداف موحدة، بعدد قليل من الجنود مقارنة بميليشيات صهيونية مدعومة دوليًا ومدربة، ما أدى إلى هزيمة صادمة كانت بداية تراجع النظام العربي ككل.

اليوم: نكبة جديدة وموقف أضعف

وختم د. الهندي بالتأكيد أن ما يشهده الشعب الفلسطيني اليوم من حصار وتجويع وجرائم تطهير عرقي جديدة هو نكبة ثانية تُنفذ على مرأى ومسمع الجميع، بينما الأنظمة العربية عاجزة حتى عن إرسال شربة ماء إلى غزة.

ووجّه رسالة قوية مفادها أن كل من يصمت أو يبرر جرائم الاحتلال سيكون مصيره الانكشاف والسقوط، كما حدث في النكبة الأولى، مضيفًا:

"والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون..." (İLKHA)